حِينَ أَسْأَلُكَ يَا بُنَيّما أفضلُ أيَّامِ الدُّنْيَا في
نَظَرِكَ؟رُبــَّمَا تقولُ: إنَّ أجملَ يومٍ في حياتي يومَ نجحْتُ بالمركزِ
الأوَّلِ على مُسْتَوَى مدرستي..
أو رُبــَّما تقولُ: إنَّه يومَ سافرْتُ إلى جُزُرٍ وسطَ البحارِ مليئةٍ بالأشجارِ والأزهارِ..
أو ربَّما تقول: إنَّه يومَ دَخَلَ عليَّ أبي وفي يديْه شيءٌ لي.. كنتُ أتمنَّاهُ وأحلمُ بِهِ..
ولكنِّي يا بُنَيَّ العزيز لو سألتَني السُّؤَالَ نفسَهُ فَسَأقولُ لكَ:
إنَّ أجملَ أيَّامِ الدُّنيا هي العشرُ الأوائلُ من شهرِ ذِي الْحِجَّةِ..
إنَّها أيَّامٌ عظيمةٌ في شهرٍ عظيمٍ..
وإنَّها أجملُ من أيِّ شيء ٍكنتَ تحلمُ به في حياتِك ثمَّ تَحَقَّقَ لكَ ما تريدُ..
يقولُ
عنها الرَّسُولُ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم "مَا مِنْ أَيَّامٍ
الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ عَشْرِ ذِي
الْحِجَّةِ".
إِنَّها أيَّامٌ عَظَّمَها اللهُ تعالَى.. فكلُّ مُسْلِمٍ يجبُ عليهِ أنْ يُعَظِّمَها..
وإنَّها أيَّامٌ يُحِبُّهَا اللهُ تعالَى.. فكلُّ مسلمٍ يجبُ عليه أنْ يُحِبَّها..
وإذا أحبَّها اللهُ تعالى فإنَّه يُحِبُّ العملَ الصَّالحَ فيها..
يُحِبُّ حفظَ القرآنِ وتلاوةَ الآياتِ بعدَ الآياتِ..
يحبُّ صِلَةَ الفقراءِ وكثرةَ الصَّدقاتِ..
يحبُّ الصِّيامَ والانقطاعَ عن الشَّهواتِ..
يحبُّ زيارةَ المرضَى والعطفَ على أصحابِ المصائبِ..
يحبُّ التَّعَامُلَ بالحُسْنَى بينَ النَّاسِ..
يحبُّ الابتسامةَ أنْ تنتشرَ بين المسلمين.. نتلقَّى بها الأهلَ والأصحابَ..
ونُخَفِّفُ بِها الآلامَ عنْ أصحابِ البلاءِ..
وإنَّ في العشرِ الأوائلِ من ذي الحِجَّةِ معنىً جميلاً..
إنَّها في شهرٍ حرامٍ.. فهي أيَّامٌ حُرُمٌ يتأكَّدُ على المسلمينَ أنْ يجتنِبُوا فيها فعلَ الْمُحَرَّمَاتِ وأكلَ المُحرَّماتِ..
وليس هناكَ أفضلُ من الانشغالِ عن الحرامِ بالعملِ الصَّالحِ..
ولذلك
أَحَبَّ اللهُ العملَ الصَّالحَ فيها حتى يكونَ أقوَى في منعِ النَّاسِ
مِنَ ارتكابِ المُحرَّماتِ خلالَ هذه الأيَّامِ الَّتي عظَّمها اللهُ
تعالَى..
فهَيَّا يا بُنَيَّ..
كُنْ أوَّلَ زُمَلائِكَ إرضاءً للهِ تعالَى..
وكُنْ أوَّلَ أهلِك في فعلِ الصَّالحاتِ..